لقد رسّخت تجارة التجزئة عبر الهاتف المحمول مكانتها كواحدة من أبرز قطاعات التجارة الرقمية الواعدة. ومع تزايد ترابط المستهلكين، ازداد استخدام تطبيقات التسوق بشكل كبير في السنوات الأخيرة، لتصبح قناةً أساسيةً لتجار التجزئة الذين يتطلعون إلى توسيع حضورهم وقدرتهم التنافسية.
وفقًا لتقرير "حالة الهاتف المحمول لعام ٢٠٢٥" الصادر عن شركة Sensor Tower، يواصل هذا القطاع تطوره، مدفوعًا بتغيرات سلوك المستهلك، والتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وعولمة التجارة الإلكترونية. في ضوء هذا السيناريو، لا يُعد الاستثمار في هذا النوع من الأعمال مجرد خيار، بل ضرورة للشركات التي تسعى إلى الابتكار والنمو.
النمو المستمر للتجارة عبر الهاتف المحمول.
في عام ٢٠٢٤، أنفق المستهلكون حوالي ١٥٠ مليار دولار أمريكي على التطبيقات، بزيادة قدرها ١٢.٥٪ مقارنة بالعام السابق. علاوة على ذلك، ارتفع متوسط الوقت اليومي لكل مستخدم إلى ٣.٥ ساعات، وتجاوز إجمالي الساعات التي قضاها على التطبيقات ٤.٢ تريليون ساعة، بزيادة قدرها ٥.٨٪. وتشير البيانات إلى أن الناس لم يقضوا وقتًا أطول على الأجهزة المحمولة فحسب، بل زادوا أيضًا من إنفاقهم على المنصات الرقمية.
من العوامل المهمة الأخرى التوسع العالمي للأسواق التي تركز على الأجهزة المحمولة. تُثبت شركات مثل تيمو وشين إمكانية توسيع نطاق الأعمال عالميًا من خلال استراتيجية رقمية مُحكمة. ومع ذلك، يتطلب نجاح هذه النماذج تحسين تجربة المستخدم وتكاملًا فعالًا بين القنوات المادية والرقمية.
الذكاء الاصطناعي كميزة تنافسية
يشير تقرير "سينسور تاور" أيضًا إلى أن تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدية بلغت إيراداتها العالمية 1.3 مليار دولار أمريكي، وهي زيادة كبيرة مقارنةً بـ 455 مليون دولار أمريكي في عام 2023. وارتفع إجمالي عدد عمليات تنزيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، ليصل إلى 1.5 مليار عملية تنزيل في عام 2024. وفي قطاع التجزئة، يُمكّن الذكاء الاصطناعي من تخصيص المنتجات بشكل متقدم، وتقديم توصيات أكثر دقة، وتجارب تفاعلية تزيد من تفاعل المستهلكين. كما تُحسّن هذه التقنية الكفاءة التشغيلية، وتُحسّن الخدمات اللوجستية وإدارة المخزون استنادًا إلى البيانات التنبؤية.
البرازيل: سوق واعدة
تبرز البرازيل بين أكثر الأسواق الناشئة الواعدة، حيث تجذب اهتمام كبرى العلامات التجارية العالمية. ورغم المنافسة الشديدة، لا تزال هناك فرص عديدة للشركات التي تفهم خصوصيات المستهلك البرازيلي، والتي تستطيع تكييف استراتيجياتها لتلبية احتياجات مشتريات التجزئة الإلكترونية والتقليدية. لم يعد التكامل بين القنوات - المادية، والإلكترونية، والهواتف المحمولة - عاملًا مميزًا، بل ضرورة استراتيجية. فالشركات التي تتمكن من دمج هذه التجارب وتقديم خدمات إضافية عبر التطبيقات، مثل خدمة العملاء المخصصة، وبرامج الولاء، والمحتوى الحصري، تكتسب ميزة تنافسية.
تُمثل تجارة التجزئة الرقمية المُركزة على الهواتف المحمولة فرصةً قيّمةً للشركات التي تتطلع إلى الابتكار والتوسع بحلول عام 2025. ويُعدّ نموّ استخدام التطبيقات، والتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوسّع الأسواق العالمية عوامل رئيسية تُحفّز تطوّر هذا القطاع. وفي البرازيل، يُسهم ازدياد الطلب والتحوّل الرقمي للتجارة في جعل الوضع أكثر ملاءمةً للاستثمار. وبالنسبة لتجار التجزئة الذين لم يُرسّخوا وجودهم بعد في هذه البيئة، فقد حان الوقت للتحرك. فالتكيّف مع هذا الواقع ليس مجرد اتجاه، بل هو متطلبٌ أساسيٌّ للحفاظ على القدرة التنافسية.

