في العام الماضي، أولت حوالي 86% من الشركات العاملة في قطاع خدمة العملاء أولويةً للاستثمار في الذكاء الاصطناعي كحلٍّ لتعزيز كفاءة العمل، وكانت 88% منها تستخدم أو تختبر بالفعل تقنياتٍ لأتمتة جزءٍ من خدمة عملائها. هذا وفقًا لبيانات الإصدار السادس من دراسة Salesforce حول خدمة الدولة، لعام 2024. وقد أظهر هذا الواقع أيضًا زيادةً في رضا العملاء، كما يتضح من استطلاع أجرته JobHome، وهي شركة متخصصة في حلول خدمة العملاء عن بُعد، حيث أفادت بانخفاضٍ بنسبة 75% في شكاوى العملاء، وتستخدم روبوتات الدردشة لخدمة العملاء الأولية.
تحققت هذه النتائج المبهرة بعد أن دمجت الشركة الذكاء الاصطناعي التوليدي في عمليات علاقات العملاء. هذه المبادرة، التي تتماشى مع التوجه المتنامي في قطاع تجربة العملاء، تُرسّخ مكانة التكنولوجيا كعنصر أساسي في بناء رحلات أكثر كفاءة وسلاسة وتخصيصًا، دون المساس بالتعاطف الإنساني. في ظلّ ضغوط العمل المتزايدة على فرق العمل والطلب المتزايد على خدمة متواصلة على مدار الساعة، جاء قرار الاستثمار في الذكاء الاصطناعي استجابةً لتحول ملموس في السوق البرازيلية.
تشير أبحاث Salesforce أيضًا إلى أن 88% منهم استخدموا بالفعل أو كانوا يختبرون تقنيات لأتمتة جزء من خدمة عملائهم. في هذا السيناريو، اختارت JobHome نموذجًا هجينًا، حيث يكون الذكاء الاصطناعي نقطة انطلاق الرحلة، حيث يُؤتمت المهام المتكررة مثل إصدار الفواتير وتحديث معلومات التسجيل وتتبع الطلبات، بينما يتولى موظفو المبيعات التعامل مع الحالات الأكثر تعقيدًا التي تتطلب الاستماع الفعال والتحليل السياقي.
مع الهيكل الجديد، انخفض متوسط وقت معالجة التفاعلات البسيطة من 3 إلى 10 دقائق إلى ما بين 20 و60 ثانية تقريبًا. وارتفع معدل حل الاتصال الأول بنسبة 25%، وارتفع معدل نجاح الرحلات التي بدأها الذكاء الاصطناعي بنسبة 38%. علاوة على ذلك، انخفض معدل الحاجة إلى تكرار الاتصال بنسبة 42%، وانخفضت معدلات التخلي عن المكالمات بشكل ملحوظ، والتي انخفضت إلى النصف في بعض القطاعات مثل الاتصالات والبنوك والتجارة الإلكترونية. كما انعكست هذه التأثيرات بشكل مباشر على إدراك المستهلك: ارتفعت درجات رضا العملاء (CSAT) بنسبة تصل إلى 20%، وسجلت درجة صافي الترويج (NPS) نموًا بنسبة تصل إلى 15% في التفاعلات التي تمت بوساطة الذكاء الاصطناعي ودمجه مع الخدمة البشرية.
يعتمد الذكاء الاصطناعي الذي يستخدمه JobHome على تقنيات معالجة اللغة الطبيعية، إلى جانب نماذج توليدية قادرة على فهم السياق والقصد وحتى نبرة العميل العاطفية. تتيح هذه الإمكانية رحلة عملاء أكثر منطقية وسلاسة، مع تسليم تلقائي ومُصمم خصيصًا للموظف البشري عند الحاجة. عند حدوث ذلك، يتلقى المشغلون السجل الكامل للتفاعل، مما يُسرّع الحل ويجنّب إعادة العمل.
وفقًا للرئيس التنفيذي للشركة، جيرالدو برازيل، فقد ساهم هذا النوع من تنظيم الرحلات الذكية في خفض الشكاوى المتعلقة بالتأخيرات، وعمليات النقل غير الصحيحة، وعدم حلّ المشكلات بشكل كبير. كما حقق تطبيق الذكاء الاصطناعي نتائج ملموسة على الصعيد التشغيلي. يقول برازيل: "سجلنا انخفاضًا بنسبة 73% في الشكاوى المتعلقة بوقت الانتظار، وانخفاضًا بنسبة 75% في الشكاوى المتعلقة بأخطاء الإجراءات، وانخفاضًا بنسبة 40% في الشكاوى المتعلقة بسوء الخدمة. ومن خلال الأتمتة الدقيقة للمهام الحساسة للأخطاء ومراقبة التفاعلات آنيًا، تمكنا من رصد أي علامات عدم رضا حتى أثناء المحادثة، مما سمح باتخاذ إجراءات استباقية وتصحيحية قبل أن يقدم العميل شكوى رسمية".
على الرغم من ارتفاع مستوى الأتمتة، تُؤكد الشركة أن هذه التقنية طُوّرت لتكون داعمًا للتفاعل البشري، لا بديلًا عنه. يُراعى التكامل بين الذكاء الاصطناعي والخدمة البشرية بعناية في كل مرحلة من مراحل رحلة العميل. يُرشّح الذكاء الاصطناعي ويُؤهّل ويُوجّه، ولكنه لا يحجب الوصول إلى المُشغّل أبدًا. ويُوظّف الوكلاء بدورهم مع التركيز على التعاطف، ويُدرّبون على العمل بتناغم مع التقنية. ويتعلّم الذكاء الاصطناعي نفسه باستمرار من البيانات التشغيلية وملاحظات الوكلاء، مما يُسهم في التطور المستمر للنظام.
شهدت العلاقة بين العملاء والذكاء الاصطناعي تغيرًا ملحوظًا خلال مسيرة JobHome. في البداية، كان هناك رفض لاستخدام الروبوتات، التي كانت تُعتبر عوائق. أما اليوم، فيتفاعل المستخدمون مع اللغة الطبيعية، ويُظهرون ثقة في الردود، ويظلون متفاعلين حتى اكتمال الطلب. ووفقًا للشركة، فإن التوجه هو أن يصبح الذكاء الاصطناعي أكثر تفاعلية واستباقية وشخصية، حيث يتفاعل مع العملاء بطريقة متكاملة عبر قنوات متنوعة مثل الدردشة وواتساب وتطبيقات الهاتف المحمول، مع الحفاظ على السياق في جميع المراحل.
وفقًا لمدير التسويق الرئيسي في JobHome، ريكاردو جالدينو، يكمن مستقبل خدمة العملاء في التقاء التكنولوجيا المتطورة والعلاقات الإنسانية. ويضيف جالدينو: "نرى الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في تقديم تجارب متسقة وفعالة، والأهم من ذلك، متمحورة حول العميل. ومن خلال دمج الأتمتة مع الذكاء العاطفي، لا تهدف الشركة فقط إلى تحسين مؤشرات الأداء، بل أيضًا إلى تحويل خدمة العملاء إلى ميزة تنافسية حقيقية".

