تتغير عادات الاستهلاك باستمرار، متسارعة بفضل التقدم التكنولوجي. في هذا السياق، اكتسب التجزئة أيضًا أدوات جديدة لمواكبة الوتيرة، من خلال تتبع الآثار الرقمية — النقرات، الإعجابات، وعربات التسوق المهجورة — التي تكشف عن الرغبات، التوقعات، والإحباطات.
في هذا المتاهة من البيانات، يمتلك التجزئة الذكية (الذكاء الاصطناعي) المفتاح لفك رموز السلوكيات، والتنبؤ بالاتجاهات، وتقديم تجارب مخصصة. لكن هل العلامات التجارية تستفيد حقًا من هذا الإمكان أم أنها تقوم فقط بأتمتة العمليات بدون هدف؟
استنادًا إلى سياق يتعزز فيه وجود التجارة الإلكترونية بشكل متزايد في البرازيل، حيث، وفقًا لدراسةاتجاهات تجربة العملاء 202577٪ من المستهلكين اشتروا عبر الإنترنت وخارجها خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، حان الوقت بالفعل للتفكير وفهم كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في فهم تجارة التجزئة لاهتمامات وطلبات المستهلك الحديث. ليس كافيًا فقط جمع البيانات؛ بل من الضروري تحويلها إلى تجارب مخصصة وإجراءات تنبئية. الذكاء الاصطناعي، خاصة مع التقدم في مجاله التوليدي، يوفر الطريق لذلك — بشرط أن يتم تنفيذه بتصميم يركز على العميل وأهداف واضحة.
مثال واضح هو خدمة العملاء. وفقًا لتقرير فريش ووركس، يعتبر أربعة من كل عشرة محترفين في المجال أن روبوتات الذكاء الاصطناعي لا غنى عنها لحل النزاعات وتحويل التجارب السلبية. ومع ذلك، هناك تنبيه مهم: يعتبر 80٪ من البرازيليين أن الخدمة أصبحت باردة وغير شخصية، وفقًا لــالاتجاهات العالميةتُظهر هذه البيانات خللاً حرجًا، حيث كان استخدام المورد موجهًا بشكل أكبر نحو الأتمتة، ولكن بدون الاهتمام الاستراتيجي بالتغيير.
الذكاء الاصطناعي كأداة استراتيجية
يمكن رؤية نفس السيناريو عند تقييم مسألة تخصيص قرارات الشراء. وفقا لاتجاهات تجربة العملاء 20256 من كل 10 برازيليين يتأثرون مباشرة بالتجارب المخصصة. ومع ذلك، فإن 29٪ فقط يعبرون عن رضاهم التام عن التوصيات التي يتلقونها. ما الذي يفسر هذا التفاوت؟ لا تزال العديد من العلامات التجارية تعتبر الذكاء الاصطناعي أداة تشغيلية وليس استراتيجية. النتيجة هي تخصيص سطحي، غير قادر على عكس الأذواق الحقيقية للمستهلك.
نقطة حاسمة أخرى هي العلاقة بين البيانات والثقة والقيمة المدركة. المستهلك الحديث لا يرفض جمع البيانات — بل يرفض عدم وجود هدف. تشير الدراسات نفسها إلى وجود استعداد لمشاركة المعلومات، بشرط وجود فوائد واضحة وشفافية في استخدام هذه المعلومات. وهنا بالذات يجب تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي، بهدف خلق تجارب ذات معنى وذات صلة، وليس مجرد دفع منتجات عامة.
لكي تصل الذكاء الاصطناعي إلى إمكاناته الحقيقية، يحتاج قطاع التجزئة إلى تجاوز الأتمتة الميكانيكية البحتة وتبني مبادئ واضحة بحيث تمثل التكنولوجيا تكملة للعادات القائمة، وتضيف قيمة حقيقية في تبادل البيانات، وقبل كل شيء، توازن بين الابتكار ولمسة إنسانية.
السوق أمام سيناريو لا مفر منه، حيث أصبح استخدام الذكاء الاصطناعي ضروريًا بالفعل. ومع ذلك، فإن الاعتماد فقط من أجل القيام به بعيد كل البعد عن أن يكون كافياً. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يتيح مجموعة من الابتكارات والاحتمالات، مثل التخصيص والأتمتة التي طالما حلمنا بها، إلا أن الاستراتيجية وراء هذه التفاعلات هي التي تحدد نجاحها. لذا، السؤال الذي يظل قائمًا هو: هل التجزئة مستعدة لفك شفرة المستهلك الحديث أم ستظل تُفك شفرتها من قبله؟