في عالم التجارة الإلكترونية اليوم، يُعدّ التخصيص أداةً أساسيةً لخلق تجارب أكثر جاذبيةً مع تحسين معدلات التحويل في الوقت نفسه. ومع تزايد متطلبات المستهلكين وتوقعهم من العلامات التجارية فهم احتياجاتهم الفردية، يُصبح تكييف رحلة الشراء مع تفضيلات كل مستخدم عاملًا تنافسيًا مميزًا. ووفقًا لدراسة أجرتها شركة إبسيلون، فإن 80% من المستهلكين يميلون إلى الشراء من علامة تجارية تُقدّم تجارب مُخصصة.
وكيف يُمكن تطبيق التخصيص؟ يبدأ ذلك من أول تواصل للمستهلك مع العلامة التجارية، سواءً عبر إعلان أو تسويق عبر البريد الإلكتروني أو حتى أثناء تصفح موقع إلكتروني أو تطبيق. من خلال جمع بيانات التصفح وتحليلها، تستطيع العلامات التجارية تحديد تفضيلات واهتمامات كل مستخدم، وتقديم توصيات بالمنتجات والمحتوى المناسب. هذا لا يُحسّن تجربة المستخدم فحسب، بل يزيد أيضًا من فرص التحويل، إذ يشعر المستهلك بمزيد من الفهم والتقدير.
علاوة على ذلك، يُتيح التخصيص إنشاء حملات إعادة تسويق أكثر فعالية، إذ يُعيد جذب المستهلكين الذين سبق لهم التفاعل مع العلامة التجارية ولكنهم لم يُكملوا عملية شراء. تُظهر الدراسات أن استراتيجيات إعادة التسويق المُخصصة يُمكن أن تزيد معدلات التحويل بما يصل إلى 10 أضعاف من خلال تذكير المستخدمين بالمنتجات التي شاهدوها أو أضافوها إلى سلة التسوق.
في هذا السياق، يُعدّ الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي أساسيين للتخصيص واسع النطاق. فالأدوات التي تستخدم هذه الموارد قادرة على تحليل كميات هائلة من البيانات وتحديد أنماط سلوك المستهلك، مما يسمح للعلامات التجارية بتعديل رسائلها آنيًا. ووفقًا لشركة ماكينزي، تشهد الشركات التي تدمج الذكاء الاصطناعي في استراتيجياتها التسويقية الرقمية زيادات تصل إلى 30% في معدلات التحويل والاحتفاظ بالعملاء.
علاوة على ذلك، يُمكّن الذكاء الاصطناعي من استخدام روبوتات الدردشة والمساعدين الافتراضيين الذين يُخصّصون خدمة العملاء، مُقدّمين إجابات سريعة، ومُرشّحين للمنتجات بناءً على تاريخ الشراء والتصفح. يُعدّ هذا النوع من الخدمة الأسرع والأكثر فعالية بالغ الأهمية خلال فترات الطلب المرتفع، مثل الجمعة السوداء وعيد الميلاد، عندما يبحث المستهلكون عن العروض والمعلومات بسرعة.
للتخصيص تأثير مباشر أيضًا على مقاييس التحويل. فإمكانية تقديم عروض ترويجية وعروض خاصة بناءً على سلوك كل مستخدم تزيد من احتمال إتمام عملية بيع. ووفقًا لشركة جارتنر، يعتقد 60% من قادة التسويق أن الاستثمار في التخصيص يمكن أن يُحسّن نتائج المبيعات بشكل ملحوظ.
من المجالات الأخرى التي يُحدث فيها التخصيص فرقًا هو خفض معدلات التخلي عن سلة التسوق. فمن خلال إرسال تذكيرات شخصية بالمنتجات المتبقية في سلة التسوق، يمكن للعلامات التجارية تشجيع المستهلكين على العودة وإتمام عملية الشراء. ويتيح تحليل البيانات الفوري للشركات تحديد أفضل الأوقات لإرسال هذه الإشعارات، مما يزيد من فرص التحويل.
باختصار: مع تزايد المنافسة في السوق الرقمية، يبرز تخصيص رحلة العميل كاستراتيجية أساسية للشركات التي تسعى لجذب العملاء والاحتفاظ بهم. من خلال الاستثمار في تقنيات تتيح تحليل سلوك المستهلك بدقة وإيصال رسائل مُستهدفة، يمكن للعلامات التجارية تحسين معدلات التحويل بشكل ملحوظ، وفي الوقت نفسه، بناء علاقة أعمق مع عملائها.

